الحاضر المنسي
- Khalid Joraid
- Apr 30, 2014
- 3 min read
كثيرا ما أتمنى ان تعود الايام الى عشرين سنة مضت لأبدأ من جديد، معتقدا ان النتيجة سوف تكون أفضل من الأن، طبعا الفرضية لن تصلح الا إذا عاد بنا الزمن ونحن نملك جميع الخبرات والقدرات والمعلومات التي نملكها الان وهذا طبعا شيء مستحيل، على الأقل في الوقت الحالي.
وفي المقابل نحن نعيش ونبذل الجهد والعرق لنوفر الحد الأعلى من متطلبات المستقبل القريب ونبذل الجهد المضاعف لنحقق أحلامنا الكبيرة على الأقل في المستقبل البعيد،
إذا نحن نفكر إما في الماضي لنعيد أمجاده أو لنندم على إخفاقاته وننظر الى المستقبل بنظرة الخوف والقلق،
ولكن ماذا عن الحاضر؟ ...
نحن نعيش الحاضر ولا نفكر فيه، نعمل في الحاضر ولا نستمتع به، نحرص على وقته ولا نجني ثماره إلا في المستقبل وقد لا نجني هذه الثمار أصلا.
إذا نحن نعيش ونفكر بطريقتين مختلفتين، نعيش اليوم ونفكر في الأمس أو الغد ... وهنا يكمن الخلل،
ماذا لو عشنا وفكرنا في الوقت الحالي، هل سنعيش حياة أكثر سعادة؟ ام سنعيش بلا هدف؟ هل سنتغلب على مخاوفنا ام سيحكمنا الكسل والا مبالاة؟
إن الحياة السوية والسليمة يجب أن تتوازن بين الماضي والحاضر والمستقبل بحيث ننظر الى الماضي لنتعلم اليوم وننظر الى المستقبل لنعمل اليوم،
ولكن يبقى السؤال المهم وهو كيف نعيش اليوم بطريقة أفضل؟ وبأكثر سعادة وإيجابية؟ كيف نعيش اللحظة؟ كيف نستمتع بكل دقيقة.
ما اقترحه هو أن نفكر فيما نريد أن نفعله اليوم قبل أن نفعله ومن ثم نشاهد أنفسنا ونحن نفعله ونستحضر هذه الطريقة وكأن أحدا يقوم بتصويرنا بكاميرة فيديو وأنت تشاهده.. لذلك ...
فكر فيما تريد أن تفعل بالتفصيل فمثلا:
ننام جيدا ونقوم مبكرا
نصلي في الأوقات وبإتقان
نعمل بجد وبانتظام ونفكر ونستمتع بما نقوم به
نعامل الناس باحترام ونفكر فيهم ونساعدهم
نحترم مواعيدنا والتزاماتنا
نمارس الرياضة باهتمام وشغف وكذلك الحب
نقرأ بشكل يومي، نلعب بشكل دوري، نمرح بشكل عام، نصمت ونتفكر بشكل منظم. نكتب مذكراتنا وأفكارنا. نكلم ونزور أقاربنا وأصدقائنا،
وكثيرة هي الأمور التي نرغب في عملها ... ولكن في أغلب الأوقات نفشل في تحقيق ذلك بسبب بسيط وهو أننا لا نخطط لهذا اليوم وندخل فيه ونخرج منه ولا ندري كيف انتهى ...
إذا دعونا نخطط لأسبوع كامل ونكتب ماذا نريد أن نفعل في كل يوم وكل ساعة.
نستثمر ساعة واحدة في نهاية الأسبوع لنعيش ستة أيام أخرى بسعادة. ونعدل الخطة قليلا في نهاية كل يوم عند الحاجة.
ولا ما نع ان نتشارك في وضع الخطة مع الأخرين
مع احتمال الإخفاق في الأسابيع الأولى، إلا إنني أؤمن أنها سوف تنجح مع الإصرار والمثابرة،
والنتيجة أننا سوف نتحكم في يومنا
سوف نعيش اللحظة
سوف نقوم بكل ما نريد بسعادة
سوف ننجز بفخر ... سوف نستمتع بكل حركة
سوف نعيش الحاضر بكل ثقة ولن يهمنا بعد هذا ماذا سيكون غدا،
وهذا هو سر النجاح
وفي نهاية اليوم قم بتشغيل الفيديو وأنظر الى نفسك وأنت تعيش اليوم الذي مضى وأنظر هل حققت ما خططت له؟ وهل هذا سوف يوصلك الى أحلام المستقبل؟ ومهما كانت النتيجة فأنت صاحب هذا اليوم فقط، ضع رأسك على الوسادة ولا تفكر إلا في روحك التي سوف تغادر لتسجد لله شكرا على هذا اليوم.
وعندما تستيقظ لا تقلق فلديك يوم طويل لتنفيذ خطتك المحكمة والذكية ...
فالأمل في المستقبل مطلوب لتوجيه دفة الحاضر، وليس لانتظار السماء أن تمطر ذهبا.
قال تعالى: " ذَرۡهُمۡ يَأۡكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ وَيُلۡهِهِمُ ٱلۡأَمَلُۖ فَسَوۡفَ يَعۡلَمُونَ"
وروي عن حديث ابن مسعود: خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا مربعا وخط وسطه خطا، وخط خطوطا الى جنب الخط، وخط خطا خارجا وقال "اتدرون ما هذا؟ " قلنا الله ورسوله اعلم، قال "هذا الانسان - للخط الذي في الوسط - وهذا الاجل محيط به، وهذه الاعراض - للخطوط التي حوله - تنهشه، ان اخطاه هذا نهشه هذا، وذاك الامل - يعني الخط الخارج" ' رواه البخاري.
وأخيرا ومن اليوم في حالة الرغبة في مقابلتي أو التحدث معي برجاء تحديد موعد سابق لأن يومي سوف يكون مزدحما.
إلى اللقاء،
خالد جريد
٣٠ إبريل ٢٠١٣
Comments