top of page
Search
  • Writer's pictureKhalid Joraid

الكفر الحلو


في أحد الأيام كان موسى عليه السلام يسير في الجبال وحيدا عندما رأى من بعيد راعيا، كان الرجل جاثيا على ركبتيه ويداه ممدودتين نحو السماء يصلي، غمرت موسى السعادة لكنه عندما اقترب منه دهش عندما سمع الراعي يصلي: " يا إلهي الحبيب، إني أحبك أكثر مما قد تعرف، سأفعل أي شيء من أجلك، فقط قل لي ماذا تريد. حتى لو طلبت مني أن أذبح من أجلك أسمن خروف في قطيعي، فلن أتردد في عمل ذلك، أشويه، وأضع دهن إليته في الرز ليصبح لذيذ الطعم"

اقترب موسى من الراعي، لينصت إليه أكثر،

" ثم سأغسل قدميك وأنظف أذنيك وأفليك من القمل هذا هو مقدار محبتي لك".

عندما سمع موسى ذلك، صاح مقاطعا الراعي وقال "توقف، أيها الرجل الجاهل! ماذا تظن نفسك فاعلا؟ هل تظن أن الله يأكل الرز؟ هل تظن أن لله قدمين حتى تغسلهما؟ هذه ليست صلاة. هذا كفر محض."

كرر الراعي الذي أحس بالذهول والخجل اعتذاره، ووعده بأن يصلي كما يصلي الأتقياء، فعلمه موسى الصلاة في عصر ذلك اليوم، ثم مضى في طريقه، راضيا عن نفسه كل الرضا.

لكن في تلك الليلة سمع موسى صوتا، كان صوت الله.

" ماذا فعلت يا موسى؟ لقد أنبت ذلك الراعي المسكين ولم تدرك معزتي له، لعله لم يكن يصلي بالطريقة الصحيحة ولكنه مخلص فيما يقوله إن قلبه صاف ونياته طيبة إني راض عنه، قد تكون كلماته لأذنيك بمثابة كفر لكنها كانت بالنسبة لي كفرا حلوا"

فهم موسى خطأه في الحال، وفي الصباح الباكر من اليوم التالي، عاد إلى الجبال ليبحث عن الراعي، فوجده يصلي لكنه في هذه المرة كان يصلي له بالطريقة التي علمه إياها، ولكي يؤدي صلاته بشكل صحيح، كان يتلعثم، وكان يفتقد الحماسة والعاطفة كما كان يفعل سابقا، نادما على ما فعله له، ربت موسى على ظهر الراعي وقال: " يا صديقي، لقد أخطأت أرجو أن تغفر لي، أرجو أن تصلي كما كنت تصلي من قبل فقد كانت صلاتك ثمينة ونفيسة في عيني الله."

تملكت الراعي الدهشة عندما سمع ذلك، لكن احساسه بالارتياح كان أعمق، بيد أنه لم يشأ العودة إلى صلاته القديمة ولم يلتزم بالصلاة الرسمية التي علمها له موسى فقد اكتشف طريقة جديدة الآن يتواصل بها مع الله.

كانت هذه قصة رواها شمس التبريزي لأحد المتعصبين في رواية تحكي قصة لقاء شمس التبريزي بمولانا جلال الدين الرومي وكيف استطاع شمس، الدرويش الصوفي، أن يغير حياة كل ما يقابلهم وينقلهم الى عالم الحب، وكيف استطاع هذا العارف أن يهدم كل الاعتبارات المزيفة التي كانت تحيط بجلال الدين الرومي وتجعله يتحول من عالم فقيه محدث رزين مشهور ذو مكانة وشرف الى محب متصوف عاشق شاعر.

انها رواية للكاتبة التركية إليف شافاق، رواية تحول المياه الراكدة الى طوفان، تحرك الهواء الساكن من حولك الى عواصف، تقلب السكون إلى تجلي، عبر عنها الرومي برقصته الدائرية لكي يستطيع أن يتحمل تدفق الحب الذي تعلمه من شمس التبريزي . . .

حب الذات، حب الناس، حب المخلوقات حب الحياة وحب الله.

"الحب وحده هو الذي يطهر القلوب"

قواعد العشق الأربعون،

قطعة فنية ثمينة تحكي قصة العشق.

خالد جريد

22 فبراير 2018

الدمام


24 views0 comments

Recent Posts

See All

السجن الكبير والوطن الصغير

السجن الكبير والوطن الصغير أذكر عندما كنت ادرس في كلية الشرطة، كطالب مستجد في السنة الأولى، أنني كنت أعيش بعض النشوة أثناء التدريبات التي كنا ننشد فيها أناشيد وطنية، وغالبا ما كانت تتلاشى بعد دقائق قل

العقاد، الرومي ابن الرومي

سمعت عن جلال الدين الرومي كثيرا ولكني لم اقرأ له شيئا وكنت كلما اسمع عنه ازداد شوقا لمعرفته، علمت أنه شاعر الحب ومثال التسامح تنسب له الطريقة الصوفية المولوية التي اشتهرت بدراويشها والرقصة الدائرية ال

bottom of page