top of page
Search
  • Writer's pictureKhalid Joraid

الشركات المطبقة لحلول الأعمال بين المطرقة والسندان 2 / 5


شح الموارد البشرية المتخصصة والمدربة:

أحد التحديات الخمسة الرئيسية التي تعاني منها الشركات المطبقة هي شح الموارد البشرية، فمثل أي شركة تقوم بتقديم خدمات استشارية سوف تعاني بشكل مباشر أو غير مباشر من هذا التحدي، وقد يكون التحدي واضحا وجليا في منطقة الخليج والسعودية خصوصا لوجود أنظمة وقوانين تحد من حرية الشركات في توظيف العمالة المدربة سواء من الداخل أو الخارج. فلديك نظام يوازن بين عدد الموظفين المواطنين وغير مواطنين، وكذلك لا يسمح بإخراج فيز عمل من خارج البلاد إلا بشروط قد تكون صعبة أو مستحيلة أحيانا وخاصة للشركات المتوسطة والكبيرة، وهذه تحديات قد تكون خاصة بالمنطقة ويجب أن تتغلب عليها الشركات لتستمر، ناهيك عن التحديات التي تنتج عن هذا الوضع مثل ارتفاع أجور المستشارين مقارنة بخبرتهم وكثرة الطلب مقارنة بالعرض وكذلك المستوى المتدني من جودة العمل وبالتالي التكاليف الباهظة لتجهيز المستشار وتدريبة والحفاظ عليه.

من ناحية أخرى الظروف العائلية والخاصة للمستشارين وهم مغتربون جميعا تجعل لكل منهم خطط للعودة للوطن أو للانتقال إلى بلد أخر قد تكون غير مناسبة لخطة الشركة المطبقة وتجعل ظروفهم العائلية في أوطانهم مؤثر على استقرارهم واستمرارهم وبالتالي على استقرار خطة النمو للشركة.

أيضا نظام الكفالة يحد من انتقال الموظفين بين الشركات المنافسة وقد يستخدم كوسيلة ضغط للحفاظ عليهم وفي كلا الحالتين هناك خلل ووضع غير صحي تجبر صاحب العمل والموظف على القيام بأعمال غير صحيحة تؤثر جميعها على الجو العام للعمل،

وقد يأتي من يقول أن هذه التحديات تعتبر تحديات تواجه السوق السعودي بشكل عام وهناك من استطاع تجاوزها والتغلب عليها وبإدارة جيدة يمكن حل هذه الإشكالات والمضي قدما، وهذا شيء لا أستطيع إنكاره وممكن والدليل أن هناك شركات مطبقة موجودة وتعمل وتتطور، ولكن الإشكالية في تكلفة هذه الإدارة والمخاطرة التي تحيط بالشركة المطبقة في كل مكان، وبالتالي فرص نجاح مثل هذه الأعمال وهذه المخاطرة قد تشكل تهديد مستمر تجعل الاستثمار فيه مخاطرة بحد ذاتها، فبقراءة سريعة للسوق تجد أن معظم الشركات المطبقة أصلا شركات غير محلية ومكاتبها في السعودية هي امتداد لأصولها في بلدان أخرى مثل الأردن و مصر والهند وباكستان والشركات التي تعاني بشدة هي الشركات التي ليس لها تواجد بشكل رئيسي في بلد خارجي فبالتالي تستطيع خلق توازن بين مكتب الشركة في البلد الأم ومكتب الشركة في السعودية مثلا من خلال نقل الموظفين من هنا وهناك حسب الحاجة وحسب الظروف الراهنة سواء الاجتماعية أو السياسية وحتى الاقتصادية، هل تعتبر هذه بيئة عمل صحية؟ أعتقد أن هذا يعتبر مخاطرة كبيرة سواء على المستثمر الداخلي المواطن أو المستثمر الخارجي.

ما هي الحلول؟

في سوق كبير ونامي مثل السعودية في مثل هذا المجال تحديدا وبوجود مخاطرة كبيرة في طبيعة هذا العمل أصلا سوف تؤدي هذه التحديات إلى تراجع رأس المال المستثمر واستقراره من ناحية أو الخروج من السوق من أول تعثر قد يحدث، وسيكون إيجاد حلول قصيرة المدى غير مفيد وغير مجزي، قد ينقذ الوضع وقد يفيد بشكل مباشر ولكن ليس بشكل دائم، وكلما كبرت الشركة المطبقة سوف تتضاعف المخاطرة بشكل خطير وتؤدي إلى انهيارات وتعثرات مضرة للسوق.

من خلال خبرتي الماضية كانت هذه إحدى معاناتي الكبيرة فبدئا من صعوبة إيجاد موظفين مقيمين إلى صعوبة استخراج فيز عمل إلى اللجوء إلى عمل شراكات في بلدان متعددة وانتهاء بفتح مكاتب في عدة بلدان لحل هذه الإشكالية فتصبح كل مرحلة من هذه المراحل عبارة عن مشروع بحد ذاته يخضع للفشل أكثر منه للنجاح، ناهيك عن المبالغ المهولة التي كانت تدفع لإدارة هذه العمليات. وأنا لا أعتقد أن هناك حل جذري لهذه المشكلة فهي مشكلة يعاني منها الجميع ولكن خصوصية مجال الشركات الاستشارية بشكل عام تحتم إيجاد حلول جذرية ومتدرجة وإلا أصبح كل صاحب عمل في هذا المجال يدير شركته فقط لتخطي المشاكل وحل التحديات اللوجستية فقط، ناهيك عن تحديات الأعمال التي طرحناها في مدونات سابقة، أهذه حالة طبيعية لإدارة الأعمال؟ أنا لا أعتقد ذلك!

التوظيف: أعلم أن معظم الشركات المطبقة لحلول الأعمال ليس لديها مدير موارد بشرية وذلك لقلة عدد الموظفين أو لعدم تحمل الشركة تكلفة أحدهم ونصيحتي أن هذا الدور مهم جدا في شركة تعتمد على الموارد البشرية بشكل أساسي، فيجب شغل هذا الدور سواء بمدير متخصص أو كمهمة إضافية على عاتق مدير الفريق وأهم عمل يمكن أن يقوم به صاحب هذا الدور هو بناء منظومة توظيف تستقطب المتخرجين الجدد أصحاب أخلاق عالية ومهارة اتصالات مميزة ومستوى ذكاء مرتفع ومن ثم تدريبهم وتوظيفهم لاحقا، وكذلك التدريب والارتقاء بالمستشارين الحاليين. الاهتمام بدور الموارد البشرية مهم جدا ومع الوقت سوف يؤدي دور فعال وقد يصبح ميزة تحافظ فيها على موظفيك وتستقطب فيها موظفين من منافسين أخرين إذا أدير هذا الدور بشكل احترافي،

الاستعانة بمصادر خارجية: خلال فترة مهمة من تطور الشركة كان لا بد من الاستعانة بمستشارين خارجيين في تطبيق بعض المشاريع وسد بعض العجز في بعض الوظائف وكانت تجربتي تلك جديرة بأن تذكر هنا لكل من يرغب في العمل مع مزود خدمة خارجي أو ما يسمي Outsourcing وهنا عدة أمور يجب مراعاتها في علاقة عمل كهذه لتنجح وتؤدي دورها مثل جاهزيتك أنت، فمعظم تلك الشركات تعيرك مستشار بأجر يومي أو شهري بغض النظر عن نتيجة عملة لذلك يجب أن تكون متطلباتك واضحة جدا ويجب تخصيص شخص متخصص لإدارة هذه العملية من استلام وتسليم وقبلها يجب التأكد من إمكانية المستشار الخارجي على المستوى الفني وعلى مستوى التواصل فمعظم هذه الشركات تعتمد على شخص واحد متخصص والباقي عبارة عن متدربين يعملون تحت إدارته، وبالتالي عدم وجود شخص متمكن مسؤول لإدارة هؤلاء المستشارين بشكل محترف سوف يؤدي بك إلى خسارة مضاعفة فالعمل لن ينتهي بالصورة المطلوبة وسوف يتم فوترتك نهاية كل شهر سواء تم العمل أم لم يتم.

الاستشاري الفني: قد يخفق استشاري الأعمال في مهمة معينة ويمكن تدارك هذا الخطأ فورا بدون خسائر تذكر وأعني هنا المهام المفترض أن يقوم فيها مستشار برنامج المالية أو الموارد البشرية أو المشتريات فمن خلال متابعة مدير الفريق يمكن مراجعة المهام وتقييمها بشكل سريع وسهل ومن ثم تصحيحها في حالة وجود مشكلة ما، ولكن بالنسبة للمستشار الفني فالأمر أكثر تعقيدا لأن هناك ثلاثة أدوار يجب التفريق بينهم بشكل واضح حتى يتم إدارة هذه الجزئية من العمل بشكل صحيح وهم 1) تحليل المتطلب وتصميم الحل الخاص بها من ناحية أجراء عمل و 2) تصميم العمل فنيا و 3) برمجة هذا العمل وفحصة جيدا، ومن هنا تأتي خطورة التعديل على النظام في حالة عدم وجود شخص يتقن هذه المهام الثلاث لإدارتها بشكل متناسق ومتوازن، العمل الفني عبارة عن قيمة مضافة للشركة المطبقة إذا أديرت من الشخص المناسب ونقمة وخسارة فادحة إذا لم تدار بشكل محترف،

خطة خروج: لا يخفى على أحد أن كل مستشار في الشركات المطبقة لحلول الأعمال يعتبر شخص مؤثر ومهم لذلك حتى يتم التعامل باحترافية مع المستشارين وتفادي وقوع أثر سلبي على الشركة حينما يودون مغادرة الشركة قم بعمل خطة خروج لكل موظف وراجعها كل ستة شهور، وضح فيها المهام الذي يقوم بها، الأعمال التي قام بعملها والأعمال المطلوبة منه خلال الفترة القادمة والشخص الذي سوف ينوب عنه في حالة خروجه، ركز جديا على هذا الجزء من مهام دور الموارد البشرية وسوف تجد أن خروج الموظفين ودخولهم يتم بشكل انسيابي ودون الحاجة للجوء لصراعات وتضحيات من أي جانب.

بعد كل التجارب السابقة وكل محاولاتي ومجهوداتي المستمرة أستطيع أن أجزم أن الحل يجب أن يكون من الداخل وأعني من الداخل في بلد مثل السعودية أن يتم الاستثمار في المواطن السعودي على مستوى استشارات الأعمال والبرمجة وتقنية المعلومات، ومع عدم ضمان نجاح هذه التجربة في المدى القصير إلا أنني أعتقد أن كل الظروف متاحة في هذه الفترة لعمل نقلة نوعية في هذا المجال وذلك لأن أجور العمل في هذه التخصصات مرتفعة جدا مما تستقطب المواطن السعودي بسهولة، فمبلغ يتراوح بين ثلاثة ألاف وستة ألاف دولار شهريا يتم دفعة الأن كراتب شهري سيكون مغري لأي موظف سعودي ذو مهارات عالية وخبرة تبدأ من أربع إلى خمس سنوات،

أيضا التخصص المطلوب في السوق السعودي متوفر بكثرة فالمطلوب للتواجد كعمل في موقع العميل هي وظيفة استشاري أعمال وهي تنتج من تخصص دراسة المحاسبة أو إدارة الأعمال في الأغلب وكذلك وظيفة استشاري تقني وهي تنتج من تخصص علوم الحاسب الآلي أو نظم المعلومات، أعلم أن الأمور لن تكون وردية وهناك الكثير من التحديات في هذا الخصوص ولكني متأكد من أن مجرد البداية في هذا الطريق سوف يؤدي إلى نتائج إيجابية وسريعة وخصوصا إذا تم تبني هذا المشروع من الشركات المصنعة ومن بعض رؤوس الأموال المحلية للقيام بالتدريب وتجهيز هذه الموارد للسوق،

أعجبتني تجربة مصر في هذا المجال فمن خلال تنسيق حكومي وبأموال القطاع الخاص تم إنشاء دورات تدريبية مجانية وشبة مجانية لفترات مختلفة تصل إلى تسعة شهور يدرب فيها المتدرب على كل شيء تقريبا، تسعة شهور متكاملة بعد البكالوريوس سوف تنتج متخصص توازي شهادته الماجستير، فهي دورات متخصصة على المنتج وعلى مهارات التواصل وعلى إدارة المشاريع وعلى البرمجة، حسب تخصص المتدرب. هل هناك ما يمنع من عمل مثل هذه التجربة في السعودية؟ لا أشك في لحظة أنه يمكن عمل مثل هذه التجربة بشكل سريع ومجدي وبأقل التكاليف سوف تكون النتائج مذهلة، تجهيز خمسون استشاري متدرب خلال عام واحد سوف يخلق توازن سريع للسوق ويشجع رؤوس الأموال من الاستثمار في هذا المجال بشكل أفضل.

شح الموارد البشرية المتخصصة في السوق السعودي وصعوبة إدارتها تجعل الشركات المطبقة بين مطرقة زيادة التكلفة المبالغ فيه وسندان توفر المستشارين بالجودة المناسبة، والحل في رأيي هو توفير منظومة تدريب وتجهيز متكاملة تنشئ جيل من الاستشاريين المواطنين يقوم بتغطية العجز الموجود حاليا ويساعد على عمل توازن في التكلفة في السوق السعودي تحديدا.

يتبع ...

15 views0 comments

Recent Posts

See All
bottom of page