top of page
Search
  • Writer's pictureKhalid Joraid

الشركات المطبقة لحلول الأعمال بين المطرقة والسندان 5 / 5


" لكي نحرك العالم ... يجب أولا أن نحرك أنفسنا "

سقراط

خامسا: تفهم ونضج السوق والعملاء:

في هذه الحلقة الأخيرة من سلسلة الشركات المطبقة بين المطرقة والسندان سوف نناقش تأثير تفهم ونضج السوق والعملاء على الشركات المطبقة وبالتالي على المشاريع وسوف نحاول وضع بعض الحلول الممكنة.

في البداية نعني بالسوق هنا هو كل من يحيط بالعميل ( الشركة المستفيدة من المشروع) ويؤثر عليه بشكل مباشر أو غير مباشر وهي أطراف متعددة مثل الموظفون، الملاك، المنافسون، العملاء، الموردون والمشرعون وكل من قد يؤثر على أعمال العميل أو أن يؤثر على قراراته.

والسوق في المفهوم العام له هيئة وشخصية ونمط تشكل مجموعة المؤثرين به عنصر التأثير عليه سواء سلبا أو إيجابا، وبالطبع للدولة الأثر الأكبر في هذا التأثير حسب الوضع الاقتصادي والظروف السائدة والقوانين وبالتالي تتأثر الأعمال تبعا لهذا التأثير. فلو أخذنا مثلا البنوك في المملكة العربية السعودية، سنجدها من القطاعات الأكثر استقرارا وتطورا على مستوى المنطقة، بينما تجد شركات أخرى في قطاعات أخرى مثل المقاولات تتعثر وتتخبط في شق طريق النجاح والنمو، فمن هو المؤثر الرئيس الذي جعل البنوك مثلا أقل معاناة في حياة تطوره واستقراره من شركات المقاولات على سبيل المثال؟، أعتقد أن الجواب على هذا السؤال ليس بهذه السهولة ولكن هناك بعض الأسباب في حالة تعريفها قد تساعدنا في تعميمها على قطاعات أخرى، وأرى هنا أن توحيد المعايير Standardization هو أهمها، وأقصد هنا معايير الإجراءات والسياسات، وأعتقد أن توحيد المعايير في قطاع معين من الأعمال قد تساعد كثيرا في نمو هذا القطاع خصوصا إذا كان هذا القطاع مزدحم بتجارب سابقة نتج عنها نموذج يمكن اتباعه، طبعا أستطيع أن أقدم لك أكثر من عنصر مؤثر أخر مثل الربح، المنافسة، والقوانين المعمول بها ولكن في تطبيق الأنظمة بشكل خاص أعتقد أن توحيد المعايير هو أحد الأسباب الرئيسية في نضج السوق ولكن هل يكفي أن يكون هناك نموذج قياسي في الأعمال لنجاح التطبيقات؟ الجواب بالطبع لا، والذي يبقى هو إسقاط هذا النموذج على حجم الشركة المستفيدة بطريقة احترافية ليتلاءم مع قدرتها على استيعابه، فمثلا شركات مبيعات التفرقة Retail من أكثر الشركات الناجحة في تطبيق الأنظمة وذلك بسبب تماثل الإجراءات والمعايير في هذا القطاع نتيجة لتجارب كثيرة جدا حدثت خلال العشر سنوات الماضية.

معظم التطبيقات العالمية الأن وصلت إلى مرحلة مستقرة في بناء إجراءات عمل قياسية على الأقل للأقسام العامة والتي يندر وجود خصوصية فيها إلا ما يتعلق بكثرة وقلة الحركات والعمليات بالنسبة لحجم الشركة المستفيدة، ومن جانب أخر يظهر التحدي الأكبر في ملائمة الإجراءات الأهم بالنسبة للشركة المستفيدة وهي الإجراءات المحركة للعمل والأساسية والتي من أجلها سيتم الاستثمار في حلول الأعمال وهو ما يدعى بإجراءات العمل الأساسية فلو ذكرنا المقاولات مثلا لعرفنا أن إدارة وتكلفة المشاريع هو الإجراء الأساسي لشركة مقاولات ما، وإدارة عمليات الإنتاج وحساب التكلفة هو العمل الأساسي لمصنع ما، ويبقى الأهم هو كيف سيتم استيعاب النموذج ليتلاءم مع حجم وإمكانيات المنشأة.

البدء في النضج يجب أن يبدأ من الداخل، وهنا يغفل كثير من رجال الأعمال هذا المبدأ ويعتقد أنه بدفع مبلغ من المال يستطيع أن يحصل على النتيجة جاهزة من الخارج وهذا خطا جسيم، تطبيق حلول الأعمال تحتاج إلى بيئة ناضجة ومحترفة وهذا لن يتم إلا بالعمل بخطة تطوير داخليه تنتهي برفع مستوى نضج فريق العمل والمنشأة بحيث تكون قد تكونت لديها القدرة على عمل الملائمة المناسبة لإجراءات العمل القياسية وتقييمها وكذلك العمل على بناء الإجراءات وتعريفها وخصوصا إجراءات العمل الأساسية في حالة عدم وجودها مسبقا.

الجاهزية بالمعنى الصحيح هو المعنى الخفي للنضج، فعندما تستطيع أن تكون جاهزا ومستعدا فإنك تكون قد تجاوزت خط التجربة والخطأ ووصلت إلى خط النضج العام، وأعني بالجاهزية هنا أن تكون مستعدا لأن تقوم بتطبيق حلول الأعمال بنجاح، فجاهزيتك بحد ذاتها هي أول مراحل النضج، ولكن كيف تعرف أنك جاهز للمضي قدما وأن جاهزيتك صحيحة؟

  • معرفة وتعريف الإجراءات الداخلية القياسية وتوثيقها بشكل صحيح.

  • تعريف الموظفين وأدوارهم وحدود صلاحياتهم في إدارة الإجراءات.

  • معرفة وتعريف المخرجات والتقارير المطلوبة لمراقبة العمل واتخاذ القرار الصحيح

  • تجهيز النماذج والبيانات والمعلومات اللازمة لتشغيل الإجراءات.

وجود بيئة عمل يتم فيها تنفيذ واستخدام البنود الأربعة على أرض الواقع هو علامة واضحة على جاهزية المنشأة للتطور، لاحظ هنا أنني لا أتكلم عن ألية لتطبيق أنظمة حلول الأعمال ولكني أتكلم عن ألية لإنشاء وتطبيق أنظمة يدوية صحيحة ومترابطة بحيث أنه في اللحظة التي يتم الاستثمار في نظام حلول أعمال سيكون التحدي هو نجاح نقل العمل من نظام يدوي إلى نظام ألي فقط. حلول الأعمال لن تقوم بعمل ما تم ذكره في النقاط الأربع السابقة فإذا كانت هذه الأمور غير معرفة أو منظمة أو صحيحة فأنت تغامر بمستقبل شركتك بمجرد البحث عن أنظمة حلول أعمال.

أيضا نضج الشركات المطبقة متطلب أساسي في نجاح مشروع تطبيق الأعمال، وللأسف الشركات المطبقة في الأغلب لن تفحص جاهزيتك وتقول لك أنت غير جاهز ولن نستطيع خدمتك الأن، بكل بساطة سوف يقومون بطرح متطلبات كثيرة أنت لا تملك أجوبة عليها وفي حالة إخفاقك في توفير هذه المدخلات إلى أنظمة حلول الأعمال فسوف تتخلى عنك الشركة المطبقة وتعطيك أخر أولوياتها إلى أن تكون جاهزا مرة أخرى وهكذا إلى أن تفقد كل طاقتك وأنت لم تتقدم خطوة واحدة إلى الأمام والمشكلة أنك لن تدري ما هو السبب إلا بعد فوات الأوان.

الشركات المطبقة تعاني من هذا النوع من السوق والعملاء وخاصة الشركات المتوسطة والكبيرة منها التي من المفترض أن تكون جاهزيتها عالية إلا أن الواقع يقول عكس ذلك مما يجعل الشركات المطبقة تحت ضغط الموافقة على تنفيذ المشروع ومواجهة واقع عدم جاهزية العميل، وقد يقول قائل لماذا لا تقوم الشركات المطبقة بعمل هذه الدراسة لاكتشاف جاهزية العملاء والجواب أن هذا خلل أيضا ينتج من عدم نضج السوق فالشركات المطبقة أيضا تعاني من قلة الخبرة بحيث لا تستطيع أن تعتذر للعميل من البدء في المشروع في حالة عدم جاهزيته وإن حدث هذا وفي المقابل لن يتقبل العميل مقولة أنه غير جاهز، فينتقل إلى مزود خدمة أخر يلبي متطلباته وتبدأ دورة اللوم والفشل والتي تستمر دون أن يعلم أحد أن عدم جاهزية العميل كانت هي السبب الرئيس في هذا الفشل.

أيضا أحب أن أوضح انه بمجرد جاهزية العميل كما ذكرنا سابق فهذا لا يعني أنه جاهز للبدء في تطبيق حلول الأعمال فمشروع حلول الأعمال بحاجة إلى جاهزية من نوع أخر تم شرحها في مدونة مستقلة بعنوان رؤية جديدة لتجنب فشل مشاريع إي أر بي،

وحتى لا تتداخل الأمور فإن مشروع تطبيق حلول الأعمال يجب أن يسبقه مشروعين، المشروع الأول وهو الجاهزية الأساسية الخاصة بالشركة المستفيدة للعمل بشكل متكامل يدويا أو بمساعدة أنظمة صغيرة لجزئيات محددة، والمشروع الثاني هو تجهيز بيئة العمل لملائمة احتياجات تطبيق أنظمة حلول الأعمال ووضع معايير لتفادي الفشل.

بالنسبة للمشروع الأول هناك شركات متخصصة تقدم هذه الخدمة ومع أنني أتحفظ كثير على هذه النوعية من الشركات إلا أنني أعتقد أنه لا مفر من خوض هذه التجربة ونصيحتي أن تتم هذه العملية بأبسط صورها بحيث يتم اختبار دورة العمل على أرض الواقع ومن ثم تبدأ تطوير العملية شيئا فشيئا حتى تصل إلى منظومة متكاملة من العمليات ونماذج التقارير وصلاحيات الموظفين، أما المشروع الثاني فهو يبنى على المشروع الأول وهو متخصص أكثر وبحاجة إلى معرفة في حلول الأعمال وهو أكثر تعقيدا.

وقد يسأل أحدهم لماذا لا تقوم الشركات المطبقة بعمل هذه الدراستين ومن ثم البدء في تطبيق الحلول. والجواب أن الشركات المطبقة هي شركات تتقن تطبيق حلول الأعمال وليست متخصصة في بناء الإجراءات والسياسات، وثانيا أن تكلفة عمل هذه الإجراءات سوف تكون مرتفعة جدا إذا قامت بها شركات غير متخصصة مثل الشركات المطبقة، وثالثا وهو الأهم أن هذه النوعية من المشاريع بحاجة إلى مرونة في الوقت ليتم تنفيذ واعتماد الإجراءات والسياسات لذلك وجب فصلها عن مشروع حلول الأعمال.

ومن جانب أخر تجد أن الشركات التي أقدمت على مثل هذه الخطوة بطريقة غير صحيحة لم تستفد من هذا المجهود وأصبحت السياسات والإجراءات عبارة عن أوراق في ملفات، والسبب هو عدم تجربة هذه الإجراءات وتطبيقها يدويا وبالتالي بقيت نموذج وهمي لم يهبط على أرض الواقع، وكما ذكرنا سابقا أن تطوير المنشأة يجب أن يبدأ من الداخل فلو أن هناك ورش عمل داخلية لفريق العمل تمت بمساعدة أحد الشركات المتخصصة للخروج بنموذج واقعي وقابل للتنفيذ ومن ثم تم اختباره وتنقيحه لكانت النتيجة ناجحة جدا.

تطبيق حلول الأعمال هو نقل نظام العمل من نظام يدوي إلى نظام ألي، وتحميله أكثر من ذلك يعتبر مخاطرة لن تنجح في أغلب الأوقات.

تطوير الداخل للشركات المستفيدة هو حجز الزاوية، فكلما كانت المنشأة منظمة وجاهزة في نظامها الداخلي اليدوي كلما أصبحت أكثر ملائمة للبدء في المشروع الثاني والذي بحاجة أيضا إلى جاهزية أخرى تم مناقشتها سابقا.

عدم نضج السوق والشركات المستفيدة وتحميل الشركات المطبقة أكثر مما تحتمل هو أحد أسباب فشل الشركات المطبقة في تطبيق حلول الأعمال.

الشركات المطبقة بين مطرقة نضج السوق والعملاء ومطرقة الاستمرار والنجاح.

27 views0 comments

Recent Posts

See All
bottom of page