الدعاة الجدد
- Khalid Joraid
- Sep 23, 2017
- 2 min read
عندما تقف أمام داعية عظيم ومحدث بليغ ومؤلف مبدع وتستمع الى وعظه وتتأمل كلماته وتبحر في معانيها وتكتشف جوهرها وتحاول ملامسة معالمها لكي تحس تفاصيلها، وتتمعن بحسك أسرارها وتقترب لكي تستنشق رحيق معانيها التي تجعلك تعيش في جنة الله في الدنيا وخاصة إذا كان الداعي يدعوك الى التقرب من الله عبر محبته ومحبة كل شيء يذكرك به او يشير اليه، الا يدعوك هذا الداعي الى الرحمة والتسامح واللطف واللين، أليس الحب أقوى على النفس من أي مشاعر أخرى تتقرب بها الى الحبيب وتدعوه بها، تعمل بها وترتاح بها، تعبد بها وتناجي بها.
الحب، الذي نسيناه ولا نعلم غير اسمه، نسينا رائحته ولونه ومذاقه وحلاوته وأحطنا أنفسنا بسياج الخوف وصوت العذاب وصورة الرعب لكي ننظر الى من يحبنا ووجوهنا عليها قترة من الخوف. الا يوجد مكان بعد للحب على منابر الخطباء ولا بين صفحات الكتب ولا على أصوات الكلمات؟
عندما روى كمال قصة معلمه وحبه له كان يؤمن بكل ما قاله وبكل ما رآه ولم يشك للحظة أنه كان يرافق ولي من أولياء الله، لعل عبد القادر هو نفسه لم يكن يعلم او يصدق انه بصفاء قلبه وطهارة سريرته اصطفاه الله ليكون رسولا للحب في قريتين اولاهما في السودان والأخرى في صعيد مصر بعد أن هاجر من بريطانيا طلبا للموت.
لم أفكر قط أن أنتقد الأحداث، ولم أرغب حتى أن أفكر للحظة عن صحة أو خطأ ما كان يحكيه المؤلف عبد الرحيم كمال وإن كانت قصته مستوحاة من قصة حقيقية، ولكني عشت الابداع في أداء الممثلين إلى درجة أنني أكاد أجزم أن كمال في طفولته وهو يعيش الاحداث كما وهو كبير يرويها لأولاده لم يكن تمثيلا بل كان حقيقة أداها محمود الجندي لا يمكن وصفه الا على أنه كان يروي قصته الحقيقية، أما يحيا الفخراني فكان يضع كل سنين خبرته لكي يظهر عبد القادر الطاهر النقي الولي كما لم تتخيله قط مهما قرأت القصة.
أشعر بالحيرة!
كيف فشل كل دعاة المسلمين أن يعرضوا الحق من خلال الحب، كيف أصبح الحب قصة تحكى في واقع ملؤه التعصب والحقد والكراهية والخوف؟ ألم يكن الحب أولى من غيره في معرفة الله؟.
ولا عجب أن يكون دعاة اليوم دعاة الكرة والتعصب والقتل بقصد او بغير قصد لأنهم ببساطة لم يعرفوا معنى الحب.
أشعر بالحزن الشديد لأني قضيت جل عمري وأنا كلما قلبت ورقة من كتاب وجدت لهيب جهنم بين سطوره وعذاب القبر في حاشيته، وكلما سمعت خطبة يصبح قلبي أكثر قسوة وكرها، وأنا الان على مشارف الخمسين لم أعرف حب الله إلا قليلا من فطرة...
ولكني رأيت وعرفت الحب من خلال دعاة جدد كانوا بالقريب يسمون بالفساق والمنافقين، ممثلون يمثلون قصة لولي في مسلسل اسمه الخواجة عبد القادر، استطاعوا أن يعلموكم أيها الدعاة كيف يكون الوعظ وكيف تكون الدعوة بالمحبة لا بالقوة والغلطة والكراهية.
ألم تيأسوا من أنفسكم أيها الدعاة؟
ألم يأن الوقت أن تغادروا منابر السلام وتسكنوا جحور الظلام التي كنتم ترهبون بها عباد الله، وتتركوا الساحة لهؤلاء الدعاة الجدد؟ دعاة المحبة والرحمة لا دعاة الحقد والعذاب.
خالد جريد
٢٣ سبتمبر ٢٠١٧
الرياض
موسيقى مسلسل الخواجه عبد القادر - عمر خيرت - صاحبة السعادة
Comments